الأربعاء، 7 أغسطس 2019

كيفية نزول الوحي


كيفية نزول الوحي:
 
بالرغم من تعدد كيفيات الوحي كما جاء في الآيات القرآنية، فإن القرآن حدد بطريقة واضحة وبينة كيفية نزول الوحي بالقرآن على النبي صلّى الله عليه وسلّم قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} وهذه صورة من صور نزول الوحي، وهي خاصة بالقرآن. وهناك صور أخرى للوحي، وحددها القرآن بقوله تعالى: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} والآية تنفي إمكان تكليم الله للبشر بطريقة مباشرة، وهذا أمر طبيعي، فالتكلم المباشر غير ممكن، لأن الطبيعة البشرية محدودة ولا يمكن لها أن تتلقى الكلام إلا بالحواس، وكلام الله أسمى من أن تكون أداته الحواس البشرية. وصور الوحي كما حددها القرآن هي: أولا: الوحي المباشر، وهنا يبرز معنى الإلهام أو النفث في الروع وهو إلقاء المعنى الموحى به في القلب، والقلب في نظر القرآن هو مصدر المعرفة وهو موطن الفهم، ولهذا كثر استعمال القرآن للفظة القلب في موطن حديثه عن الفهم، والقلب هو الخصوصية الإنسانية وهو المخاطب بالأمر الإلهي، ويختلف الوحي المباشر عن الإلهام الغريزي أو الفطري، فالإلهام قد يكون نابعا من الذات، وقد يخطئ الإنسان فيه أو يصيب ولا يعرف مصدره، فقد يكون من وسوسة الشيطان، بخلاف الوحي المباشر فإنه أمر خارجي تتلقاه النفس البشرية، وتعرف جيدا مصدره، فلا يلتبس الأمر عليها، وهو خاص بالأنبياء، ولا يكون لغير الأنبياء، بخلاف الإلهام الفطري فقد يكون لغير الأنبياء، وقد يكون إلهام خير أو إلهام شر، ويختلف مصدره. ثانيا: الكلام من وراء حجاب: وهذه الصورة وردت في القرآن في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}. ثالثا: الوحي عن طريق رسول: والمراد بالرسول هنا جبريل، ويفسر هذه الكيفية قوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ}. وفسرت السنة النبوية كيفية الوحي بما رواه البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك فقال: {اقرأ}». وهذه هي الصورة الأولى للوحي، الرؤيا الصالحة في النوم، أو لعلها من مقدمات الوحي، وليست هي الوحي. ثم جاءت كيفية الوحي كما بينها النبي صلّى الله عليه وسلّم عند ما سأله الحارث بن هشام، روت السيدة عائشة أن الحارث بن هشام سأل الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الكيفية التي يأتيه الوحي بها فقال: – يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ – فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول، قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كاس الاولياء